نضال العضايلة
ثمة معارضة شيعية واسعة يؤكد وجودها العديد من اللبنانيين ضد سياسات الحزب اللبناني الشيعي «حزب الله»، حيث وصل عدد المعارضين له أكثر من 300 ألف شيعي في لبنان، والأرقام في تزايد.
ومع ذلك، عندما تذكر هذه المعارضة يذكر صوتها الخافت بسبب إحكام قبضة الحزب عليها وعلى كل لبنان، قبضة تنطلق من ولاية الفقيه التي أسسها الخميني لتشديد الحكم الديني على المسلمين الشيعة، لكن هذا النوع من المعارضة من الداخل الشيعي يثير قلق الحزب أكثر من أي معارضة أخرى، لأنه يهدد تصدر الحزب باعتباره صوت الشيعة الوحيد في بلاده.
لقد لاحقت حملات التخوين رموز المعارضة الشيعية، ولم تتوان وسائل إعلام قريبة من «حزب الله» عن شن حملات تخوين ضد الأحزاب والشخصيات الشيعية المُناهضة لسياسة «حزب الله»، فحراك «14 آذار» الذي سجل كجزء أساسي من أصوات الاعتراض الشيعي، تلقى نصيبًا كبيرًا من اتهامات الحزب، وصلت لحد اعتبارهم ليسوا شيعة، بل نعتهم «حسن نصرالله»، بأنهم «شيعة السفارة (الأمريكية)»، كما عانت المعارضة الشيعية لحزب الله من أنصار الحزب من الشيعة الذين التفوا بقوة حول الثنائي الشيعي، (حزب الله وحركة أمل)، واعتبر الحزب أي اختلاف داخل البيئة الشيعية هو أمر غير مقبول، لذلك حال كتم هذه الأصوات وإخفاء كل رأي مُغاير لهم، للقول أن لا شيعة إلَّا حزب الله.
ومن خلال مواقف متعددة لرجال دين كبار في الطائفة الشيعية، ومنذ اليوم الأول للأزمة السورية، ظهر ان هناك معارضة شيعية كبيرة لدخول فريق من الطائفة في الحرب السورية إلى جانب النظام، هذا ما ظهر في تصريحات رجل الدين الشيعي اللبناني البارز الشيخ «عباس الجوهري».
لقد كان لرجال الدين الشيعة الصوت الأقوى عن المعارضين الآخرين، وتصنف الأصوات الشيعية الدينية المعارضة لحزب الله إلى خمس فئات، أولها من كانوا يعملون ضمن إطار الحزب ثم انقلبوا عليه نتيجة صراع داخلي، من أمثال الأمين العام السابق «صبحي الطفيلي»، ومفتي مدينة صور وجبل عامل السابق «علي الأمين»، أما الفئة الثانية فهم من يحملون الطابع العروبي، من أمثال العلامة «محمد حسن الأمين»، والراحل «هاني فحص»، والفئة الثالثة تتألف من شخصيات مستقلة يعمل كل منها على حدة، مثل: عباس الجوهري، وياسر إبراهيم، والشيخ حسن مشيمش، وفيما يتعلق بالفئة الرابعة فتقتصر على العنصر السابق في «حزب الله» محمد علي الحسيني، الذي انفصل وأسس «المقاومة العربية الإسلامية» وأعلن خلافه العلني للحزب.
والفئة الأخيرة تتمثل بالمسؤول في «المجمع الثقافي الجعفري» «محمد حسين الحاج»، الذي يلتزم الآن بهدنة مع «حزب الله» بعد خلاف طويل.
الموقف السياسي المعتمد عند معارضي حزب الله على الموقف الفقهي أن الشيعة في أوطانهم جزء لا يتجزأ من شعوبهم، ولا يجوز أن تكون لهم مشاريعهم السياسية الخاصة، ولا يجوز أن يكون لهم ارتباط خارج أوطانهم على حسابها، وولاية الفقيه السياسية ليست عابرة للحدود والقارات، بل هي ضمن الأراضي الإيرانية فقط، وليس لإيران ولاية على الشيعة في أيّ دولة أخرى.
نجح «حزب الله» إلى حد كبير في إسكات الطائفة الشيعية المعارضة لسياساته، كما نجح في منع محاولات تأسيس أحزاب سياسية أخرى من داخل الطائفة الشيعية، وتمكن مع الحزب السياسي الشيعي الآخر «حركة أمل» من أن يصبح الصوت الفعلي الوحيد للشيعة اللبنانيين، ومع قلة بروز أحزاب شيعية تضاهي الثنائي الشيعي في لبنان، يفقد من برز من هذه الأحزاب القوة والتمويل اللازم لمواجهة الحزب وحركة أمل، ويقتصر عملهم على الإطار الإعلامي.
ويمكن ذكر حزبين معارضين لـ«حزب الله»، أولهما «حزب الانتماء» اللبناني الشيعي، يقود هذا الحزب «أحمد الأسعد»، ويدعو «حزب الله» لوقف القتال في سوريا والعودة بشبابه إلى لبنان، وتعود التظاهرة الأولى أمام السفارة الإيرانية في بيروت التي قتل فيها مسؤول قطاع الشباب في الحزب «هاشم السلمان» إلى تنظيم هذا الحزب في العام 2013، وثانيهما «التيار الشيعي الحر» الذي تأسس كحركة شيعية سياسية، عام 2006 على يد رجل الدين الشيعي «محمد الحاج حسن»، واعتبر التيار بمثابة «صوت ثالث» لدى الطائفة الشيعية اللبنانية، فهو ضد سياسات الحركتين الشيعيتين الرئيسيتين في لبنان حركة أمل وحزب الله، ويرفض ما يفرضه على الواقع الشيعي السياسي في لبنان، ويؤمن التيار بأن مواقف الحزب تسببت في الإضرار بصورة شيعة لبنان، وأن «الشيعة العقلاء يرفضون أي خطاب من شأنه تقويض الاستقرار في المنطقة، ويزيد الشرخ بين أبناء الأمة العربية الواحدة».
0 تعليقات
إرسال تعليق