عبد الحميد الصائح

 

الذي اختطف الناشطة الألمانية هيلا ميلس حتما لاتهمه سمعة الدولة العراقية ، بل لايهمه أن يكون على حق أو على باطل ،وهو يعرف أو من دفعوه اذا كان أمياً همجياً أن فعل اختطاف شخص أو قتل شخص لاي سبب من الاسباب إنما هو تحد لإجراءت الدولة ومؤسساتها الأمنية ، نحن اذاً أمام غول ينخرُ هذه البلادَ ويتحداها، لاتقوى الدولة على ردعه ولا تملك من الأدوات حتى الآن لتحرير مختطف في سجون مجهوله رغم المناشدات التي تصدر لانقاذهم ، ولعل آخر المختطفين المعلنين هما الصحفي والكاتب وليد التميمي والناشر والكاتب مازن لطيف  وقبلهما العشرات  بعضهم اختفوا نهائيا مثل الناشط جلال الشحماني  . 

اليوم بعد تعقيدات كثيرة وصلنا الى تشكيل حكومة جديدة ، على ذات التوزانات التي ارادت لها الكتل السياسية ان تكون ، بمعنى ان ماحدث ليس انقلابا او تغييرا شاملا افقد اقطاب العملية نفوذها وسلطتها ، فمالذي يحدث عند تحديها بهذا الشكل ؟ الذي يحدث هو دعم جميع المناوئين للتجربة العراقية في ان تصل الى مستوى معقول يلبي طموحات العراقيين اليائسين من اصلاح الاوضاع في البلاد، الذي يحدث هو دعم جميع الشامتين المراهنين على انهيار النظام السياسي وفقدانه أسسه الوطنية وقدرته على إنتاج دولة  متكاملة البناء ، وعليه فإن  عدم القاء القبض على  بؤر القتل  والاختطاف في البلاد ، إقرار بأن البلاد كلّها مختطفة ، وأنّ يد الحكومة الناشئة المكلفة بحلّ الأزمات بقيت مشلولة امام اعمال كهذه ،  حتى النجاحات الخارجية التي تعمل حكومة الكاظمي على انجازها وتحرير العراق من واحديّة الإنحياز أو التعَسْكر مع هذا الفريق أو ذاك ، انما تخذلُها الأعمال المنفلتة خارج القانون . فكيف يمكن لنا مناقشة السبل الى المستقبل لاسيما ونحن نواجه تحديات كبيرة لن يكون العراق قبلها كما هو بعدها بالتاكيد.

 السبيل الوحيد هو العودة الى الدولة ، الدولة القوية بمؤسساتها جميعها ، وتطهير المؤسسات الامنية من كل ماعلق بها من اختراق وتداخل صلاحيات وتشظي فرضته المحاصصة السياسية ، والاستقواء بالخارج او الاستقواء بمنظومات أمنية داخلية ، ان ضرب الدولة من داخل الدولة واضعافها لن يكون في مصلحة الجميع ، ولعل المباحثات التي اجراها رئيس الوزراء  مع المسؤولين الايرانيين ، ركزت على قوة البلدين ، لاسيما قوة العراق ، فالعراق القوي ضمانة لجيرانه كما قال الرئيس الايراني في حديثه الصحفي المشترك ، ولايمكن للعراق ان يكون قويا مع وجود من يشوش على مشروع الدولة من الداخل ، بحيث نجد اعداء العراق يحصدون ثمار هذا التشويش والتحدي اليومي .لذلك فان مشروعا سياسيا جديدا ورؤيا جديدة وملاحقة جدية للخارجين على القانون والفاسدين في جميع مؤسسات الدولة هو مايكفل هذا المستوى من القوة واستعادة الثقة  ، لايمكن للياس ان يكون منتجا ، ولايمكن لقوى الظلام الغامضة التي تقتل وتخطف ولاتفصح عن مشروعها كما كان يفعل الارهابيون الدواعش الذين يعلنون مسؤوليتهم عن كل جريمة ، مجرمنا اليوم غامض وطليق ، وعدم  تشخيصه من الدولة رسميا ومعاقبته ، يجعل الناس في خطر جميعا.