سفانه شعبان الصافي
لم تكن رواية زمن الرماد خالية من الحقيقة؛ بل هي وليدة ظروف واحداث حقيقية ربما عاشها اشخاص اخرون غير الراوي؛ فكل ما كتبه الدكتور اسامة محمد صادق كاتب الرواية عن محمود جمعة صاحب ال٤٠ عاما الشخصية الرمز هي احداث حقيقية، اضطرت الراوي ان يعشها على الرغم عنه، احداث الرواية وموضوعها هو ما بعد العام ٢٠٠٣ وما جرى لكل عائلة عانت ما عانت من ويلات وظلم الاخرين.. موضوعها الاساس هو المخبر السري. ذلك الواشي الخفي الذي يشي بالناس دون علمهم بمعلومات مزيفة مقابل حفنة دراهم، عانت كثير من العائلات العراقية منه سواء مع المحتل او من قبل الحكومة المنتخبة، محمود جمعة الشخصية الرمز، انسان ارغمته الصدف على ان يزج في المعتقل، ان يقع رهين السلاسل والقيود والزنزانات لجريمة لم يكن بها علم سوى لأنه كان على صلة بالمجني عليه؛ فكان ما كان وحدث ما حدث، تحدث الراوي عن كل ما مر به في ذلك المكان النتن العفن المظلم، لم تكن زيارته له للمرة الاولى!
فقد اقتيد اليه ظلما مرات عديدة والفاعل المجهول نفسه، المخبر السري! تحدث عن ذلك المكان بأسلوب جمع فيه بين السلاسة والوضوح، الفصحى والعامية؛ لمقتضيات النص نفسه، تخللت عبارات هذه الرواية ادعية مأثورة فضلا عن اقوال ونصوص قصيرة لأسماء لامعة اختارها المؤلف لتناسب المعنى المراد، لم تخل هذه الرواية من الفكاهة والحبكة الدرامية لاسيما فيما يخص موضوع وصفه لتلك الحشرات اللعينة التي اصبحت مؤنسه في ذلك المكان المظلم، ووصفه لذلك الحارس صاحب الفم النتن. فعنصر المكان كان لا يتجاوز موضوع الزنزانة وما فيها ووصفها بصورة دقيقة تشعر القارئ بانه يراها ؛ وهذا لأنه اصبح من مريديها لاسيما بانه اقتيد اليها مرات عديدة كما يذكر لأسباب ذكرها الراوي على الرغم من براءته وعدم علمه بما نسب اليه ، الزنزانة والحارس والمحققين والنزلاء والقضاة هم محور هذه الرواية على الرغم من استذكاره لبعض اللحظات الجميلة بشخوص مختلفة حينما استرجع ذكرياته للخروج من هذا المكان ، في حين كان عنصر الزمن وكما ذكرت سابقا يتمحور ما بعد عام ٢٠٠٣ وما حدث من تغيرات وظلم وفوضى عارمة اجتاحت المجتمع برمته على الرغم من استرجاعه لبعض ذكريات الطفولة ومن هم خارج هذا المكان. تميزت الرواية بتنوع اساليبها البلاغية من بيان ومعاني كالتقديم والتأخير والخبر والانشاء والتشبيه وصور اخرى فضلا عن موضوع العدد الذي كان يميز تلك الرواية..
في الختام اقول انني وجدت تشابها كبيرا بين احداث هذه الرواية واحداث حقيقية لعائلات عراقية عانت ما عانت من مسألة المخبر السري. موضوع يستحق القراءة علما انها لم تكن القراءة الاولى لي فيها لعلمي انها تصور واقع حال بأسلوب بسيط ومميز..
0 تعليقات
إرسال تعليق