ثائرة أكرم العكيدي
العراقيون وبعد رفضهم لأي إجراءات تقشفية من قبل الحكومة باعتبارها مجحفة بحقهم والكاظمي الذي ورث بلدا منهكا فبعد 3 اعوام من الحرب على الدواعش ونزاعات طائفية شبه متواصلة استمرت لسنوات شهد خلالها العراق أزمة سياسية واقتصادية وتجاذبات بين حليفيه المقربين والعدوين اللدودين إيران والولايات المتحدة.
الشارع العراقي الذي اشعل فتيل الثورة منذ شهر تشرين الأول الماضي وليومنا هذا مظاهرات و احتجاجات مستمرة، نجحت في الإطاحة بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، وتخللتها أعمال عنف أسفرت عن مقتل المئات وإصابة الآلاف، والتي تعد الانتخابات المبكرة أبرز المطالب في الاحتجاجات، إضافة إلى رحيل الأحزاب الحاكمة، والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة المختلفة، وايجاد حلول حقيقية للبطالة وارتفاع نسب الفقر وتردي الخدمات وغيرها. للدعوة إلى إسقاط النظام السياسي وجميع رجالاته.
وكان المتظاهرون في كل مرة يدينون الفساد المستشري وتقاسم المناصب بناء على الانتماءات العشائرية والطائفية، خدمة لمصالح الأحزاب التي ثبّتت مواقعها في السلطة.
وتتغلغل الأحزاب الكبرى في المفوضية العليا للانتخابات، التي تشرف على عملية الاقتراع في العراق في جميع الدورات السابقة والتي تتهم مرارا بالتحيز. ولم يتّضح بعد الدور الذي ستؤديه في الانتخابات المقبلة.
بعد أعلان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تحديد يوم 6 من حزيران من العام المقبل موعدا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة وسط ترحيب أممي.
كان لابد من هدا التصريح بعد كل تلك الاحداث إجراء انتخابات مبكرة على رأس أجندة الحكومة التي توصف بالمؤقتة. هناك من اعترض وساومت على هذه الانتخابات وهناك من رحب بها ووجدها خطوة صحيحة وكان لابد منها
ووفاءاً لضحايا ثورة تشرين يجب ان يكون هناك انبثاق لمجلس نواب جديد يكون نواة حقيقية لحكومة تمثل تطلعات الشعب، وليس تكراراً لتواجد الأحزاب نفسها تحت قبة البرلمان العراقي المقبل، بالنمط والعقلية ذاتها، مع تغيير الوجوه والاتيان بسياسيين شباب، لا يمثلون نهج وطريقة هذه الأحزاب الفاسدة حيث يجب انتخاب مجلس نواب نزيهة وعادل يمثل إرادة الجماهير وتطلعاته .الشعب العراقي الذي اتضحت لديه جميع الامور. والعوائق التي شكلتها الاحزاب والأجندات الخارجية العميلة والتي تسلقت على اكتفاه بحجة المصلحة العامة للوطن والجماهير اليوم ارادة الشعب هي من ستغير وجه العراق وستزيل جميع اثار النزاعات الطائفية والعنصرية
الكاظمي الذي تعرض لضغوطات كبيرة وتسقيط منذ الوهلة الاولى لتوليه منصب رئاسة الوزراء هذا لم يمنعه من التواصل الاستمرار وهذا ما اكده في تصريح له مؤخرا قائلا (هدف حكومتي الوصول لانتخابات نزيهة وحماية الاقتصاد من الانهيار وحفظ هيبة الدولة مضيفاً لا نريد أن يكون العراق منطقة صراع وإنما ارض سلام).
يجب ان يكون الاختيار هذه المرة حاسم وواضح ويعود للمنفعة العامة وابعاد كل ما هو مسيء ويقلل من السيادة العراقية واستعادة هيبة الدولة خاصة بعد كل ما مرت به البلاد من صراعات داخلية وخارجية هددت امنه واستقراره
العراق اليوم لا يحتاج إلى وجود عسكري في العراق بقدر حاجته إلى التسليح والتدريب والدعم الثقافي والاقتصادي
وعلى الجميع أن يعي صلاحياته ويتحمل مسؤولياته أمام الله والشعب.
وعلى الرغم من أن المنهاج الوزاري الذي أرسله الكاظمي إلى مجلس النواب يتضمن إجراء انتخابات مبكرة خلال سنة من تاريخ تشكيل الحكومة، فإن مصادر في البيت الشيعي تؤكد ان جميع القوى المشاركة في العملية السياسية لا ترغب بإجراء انتخابات قبل عام 2022 بسبب تخوفها من خسارة مواقعها في الدولة نتيجة التغير الكبير في مزاج الشارع بعد التظاهرات التي عمت بغداد ومدن العراق الشيعية.
النظام الانتخابي المعتمد في الانتخابات القادمة، سيخدم القوائم الكبيرة فقط، وبذات الوقت ستوثر بشكل كبير على فوز الاحزاب المتوسطة والصغيرة والحصول على المقاعد المؤهلة لها.
أن صراع الكتلة الأكبر سيكون محتدم جداً في داخل القبة البرلمانية وفي هذا دلالة على أن تشكيل الحكومة القادمة لن يكون مرناً وقابلاً للتحقق خلال مدة زمنية قصيرة، وإن تشكيل الحكومة سيتطلب تحالف ثلاثة قوائم انتخابية أو أكثر وهو ما يؤدي بجميع القوائم إلى تقديم تنازلات أكثر من أجل الوصول إلى التوافق الذي يمكنهم من تشكيل الكتلة الأكبر، لذا فإن البرامج الانتخابية التي تتبناها القوائم الانتخابية ستتراجع أمام عملية التوافق بين الكتل السياسية، فالصراع داخل البرلمان سيجبر الكثير من القوائم على تعطيل فقرات من برامجهم الانتخابية بما يتلائم وتحالف الكتلة الأكبر، كما سيشهد البرلمان العراقي القادم تصاعد لدور القوائم الثانوية أو الصغيرة، إذ أنها ستلعب دور بيضة القبان في حال عدم حصول التوافق بين القوائم الكبيرة وهذا أمر مرجح في ظل التباعد في البرامج الانتخابية والانقسامات السياسية السائدة. ومهما يكن شكل الحكومة القادمة، فقد أثبتت التجربة الديمقراطية العراقية منذ عام 2003، على أن حكومة الشراكة الوطنية التوافقية هي حكومة متذبذبة الآداء، وغالباً ما تكون خاضعة للازمات السياسية التي تصيب البرلمان العراقي، فضلاً عن خضوعها للتوافق السياسي بين القوى الرئيسة سيما على مستوى قادة الكتل والزعامات السياسية، وهذا من شأنه تعطيل ممارسة سلطتها التنفيذية، مع عدم إستبعاد المؤثر الإقليمي والدولي في تشكيل الحكومة، إذ من المستبعد أن تسمح حالة الاستقطابات الإقليمية والدولية بإنتاج نظام سياسي مستقل وبعيداً عن المؤثرات الخارجية، وعليه فأن مدى نجاح الحكومة القادمة من عدمه يتوقف على عدة تساؤلات منها هل أن حكومة الشراكة الوطنية ستدخل معها شخصيات بارزة من المتظاهرين وهل ستكون قادرة على تحمل الأعباء والمسؤوليات التي تترتب على تسلمها زمام الحكم في الفترة الحالية وهل التنافس السائد بين الشركاء سيساعد في تجاوز أزمات البلد الحالية؟، وهل حكومة الشراكة الوطنية ستكون تنافسية الجوهر أم تعاونية؟
رغم ان البلد في مرحلة انتقالية، وهي مهمة بالنسبة لدولة تريد أن تتبنى نظام سياسي ديمقراطي، لكن للأسف الشديد كانت البداية هي الطائفية والقوائم الانتخابية المغلقة والاحزاب السياسية التي عبارة عن مجموعات تبحث عن الغنائم والمكاسب الضيقة حزبية كانت ام شخصية، لذا تبرز نحتاج لوضع معايير لهذه المرحلة الانتقالية حتى نضمن تداول سلمي للسلطة ونضمن تنشئة سياسية جيدة ونضمن سلوك سياسي منضبط ونضمن ذوق عام، يشعر بالمسؤولية تجاه سيادة القانون والحفاظ على النظام العام
حيث ان الانتخابات تعد ركيزة العمل الديمقراطي باعتبارها وسيلة التداول السلمي للسلطة بعيداً عن صخب النزاعات والانقلابات والصدامات اذ انها تختصر الوقت والجهد في التغيير السياسي.
ان تصاعد الهوية الوطنية العراقية في هذه الانتخابات بعد مرحلة مؤلمة من الخطاب الطائفي المدمر هو مؤشر جيد وحالة صحية ستكون لها نتائج مؤثرة على تعزيز الثقة بين العراقيين، وتطوير اشكال مختلفة من التعايش السلمي بينهم
ومما لاشك فيه فأن عملية تطوير التجربة البرلمانية العراقية تتطلب من جميع القائمين على العملية السياسية العمل على إرساء قواعد العمل الديمقراطي في التعددية السياسية والحزبية، والتمسك بالقيم والمبادئ الديمقراطية، والتركيز على مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال تطوير وتحديث التشريعات الوطنية، ومراجعة الإطار القانوني والتشريعي والسياسي للعملية السياسية والديمقراطية برمتها. وفي هذا الإطار، تعد الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2021 ذات أهمية مختلفة عن سابقاتها، وتكمن تلك الأهمية في كونها تمثل الحدث الأبرز بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي وإستكمالاً للنصر الإستراتيجي الذي تحقق عليه. فضلاً عن طبيعة المشهد السياسي العراقي وحساسية المرحلة القادمة وما ستفرزه من تحالفات سياسية سيكون لها تأثيرها الكبير على الواقع العراقي في ظل بيئة إقليمية ودولية مضطربة وغير مستقرة، مما يتطلب الأستمرار في مواجهة الخلايا النائمة لذلك التنظيم فكرياً وعقائدياً للحيلولة دون ظهوره وتمدده مرة أخرى، إلى جانب العمل على إنتاج حكومة عراقية مستقرة تبدأ مرحلة الإعمار والبناء السياسي ومواجهة تحديات المرحلة القادمة، وهو ما يشكل إحدى التحديات الكبيرة التي ستتولاها الحكومة القادمة.
واخيرا يجب التشديد على إعادة هيبة الدولة، وحصر السلاح المنفلت، وتوفير الأجواء الديمقراطية السليمة المؤهلة لممارسة المواطن حقه الشرعي في اختيار ممثليه دون ضغوط أو تهديدات تمارسها الميليشيات بصورة بعيدة عن القانون، وتهيئة مستلزمات العملية الانتخابية، والحرص على إبعاد التدخلات التي من شأنها أن تطعن النتائج، عبر ولاءات وانحيازات غير شرعية...
0 تعليقات
إرسال تعليق