خالد محفوظ


هل يعتبر رفض مجلس الأمن تمرير مشروع القرار الأمريكي بتمديد الحظر على شراء إيران للسلاح وتصديره انتصاراً لطهران وهزيمة لواشنطن!
لاسيما مع الحجم الرافض الكبير الذي بلغ 13 دولة 11 منها امتنعت عن التصويت، فيما صوتت روسيا والصين ضد التمديد بشكل واضح.
للوهلة الأولى يبدو ان الملالي خرجوا فائزين، لكن من وجهة نظر اكثر واقعية فأن من المنطقي انتظار الأيّام المقبلة وصولاً الى الثامن عشر من اكتوبر تشرين الاول القادم حيث ينتهي الحظر الذي دام عقد من الزمن، وبعد ذلك سيكون بأمكان ايران ان تشتري وتبيع ما تشاء من اسلحة وهو الأمر الذي ترفضه ادارة ترامب رفضاً قاطعاً والتي اكدت انها لن تقف مكتوفة الأيدي ازاء الأمر وانها ستفعل ألية سناب باگ التي تتيح عودة شاملة للعقوبات على طهران وفق ما كان سارياً قبل عام 2015، وهو ما يشير بوضوح الى بداية جديدة وليست نهاية كما يعتقد البعض لهذا الملف الذي يتميز بحساسية شديدة.
من الواضح أن الملالي يمارسون خطة دعائية مخطط لها بعناية تجاه الولايات المتحدة عسكرياً ودبلوماسياً، ويستغلون فيها كل شيء لأظهار قدرتهم على المواجهة بل والتفوق، وهو ما يحرصون بشدة على تسويقه لجمهورهم المصدوم من كثرة ما تتلقاه ايران واذرعها من ضربات مؤلمة اتخذت اشكال مختلفة سواء في عمقها الجغرافي او تمددها ومناطق نفوذها وادواتها الميلشياوية في المنطقة، وهو ما اصاب الملالي بأحراج شديد نتيجة عدم قدرتهم على الرد سواء المباشر او غير المباشر لأنها تعرف جيداً ان الميزان العسكري لا تميل كفته لها او لحلفائها، مما دفع طهران للبحث عن ما يديم ماكنتها الدعائية التي تعتمد بشكل مطلق على خطاب ايدلوجي اعلامي يغذي اتباعها المغرر بهم بما يحتاجوه من اكسير القوة وان كانت وهمية.
البراغماتية التي تلبسها طهران ثوباً مذهبياً وقبعة دينية وربطة عنق مقاوماتية يتم تسويقها عبر خطابات الأخافة والمبالغة والتهويل وبطريقة تحاول الأيحاء بأن الوقت يجري لمصلحتها.
هل الإيرانيون جادون في إطلاق التهديدات، أم أنها أصوات زاعقة ارتفعت في وقت تصور فيه الملالي أن الأميركيين في محنة داخلية سوف تعيقهم عن الردّ؟
خُيل للقيادة الإيرانية أن واشنطن مهمومة في مواجهة «كورونا»، وأنها غير قادرة أو راغبة في الرد على استفزازات إيران، بل أبعد من ذلك، إذ قد تكون المخيلات الإيرانية المريضة تعتقد أن يد إدارة الرئيس ترمب مغلولة إلى عنقها، من جراء عام الانتخابات الرئاسية، وعدم رغبة ساكن البيت الأبيض في فتح جبهة حرب خارجية، يمكنها أن تختصم من رصيده لدى الرأي العام الأميركي، ما يدفعه خارج البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
هل ستجرؤ إيران على اختبار مدى جدية ترمب، وهي تعلم أن الأمر بالنسبة له مصيري وحيوي، أي أمر الحرب، إذ من المعروف تاريخياً أن كل رئيس أميركي عادة ما تكون له حربه الخاصة التي يظهر فيها قوته وقدرته السياسية والحربية، وقد لا يكون ترمب في حاجة إلى حرب شاملة، بل عملية نوعية بحرية، تُذكر بآخر عملية في الحرب العراقية الإيرانية، المعروفة بـ«براينج مانتيس»، وفيها خسرت إيران نصف أسطولها المتهالك في الأصل؟
الاستفزازات الإيرانية للولايات المتحدة ولبقية الإقليم، لم تتوقف للحظة، لكنها محسوبة بدقة شديدة وكل خطوة تقوم بها الدولة الفارسية تكون قد حُسبت من جميع جوانبها واخذت وقتها من التفكير والتخطيط، كما ان طهران تضع دائماً في اي خطوة تصعيدية احتمالات كثيرة للتراجع وفق مراوغة سياسية تجيد ممارستها من تحت الطاولة في وقت تعمل وسائل اعلامها على التهريج بخطاب الوعيد والتهديد واستعراض عضلات فارغ فوق الطاولة.
الدولة الأكثر عدوانية او البلد الراعي الأول للأرهاب في العالم او النظام الديني المتشدد كل هذه التسميات والصفات تنطبق بشكل حرفي على بلد يرفع شعارات تصدير الثورة التي تثير الكثير من المشاكل وعدم الأستقرار منذ أكثر من اربعة عقود في المنطقة.
الكارثة الحقيقية متأصلة بتطوير إيران المستمر والسريع بمساعدة الصين وكوريا الشمالية لبرنامج صواريخ باليستي قادر على انتاج المزيد من وسائل التخويف والترهيب، ما يعني أن نظام الملالي قد أضحى مهدداً جدياً لدول العالم كافة، وسوف يزداد المشهد مأساوية إذا امتلك عما قريب أسلحة نووية.
ما يجري في الأيام والأسابيع الأخيرة من قبل الإيرانيين ينبغي أن يلفت انتباه الأوروبيين الذين لا يزالون يراهنون على الحلول السلمية مع الجانب الإيراني، ويسعون إلى استنقاذ النظام الإيراني عبر مخارج مالية تمده بالأوكسجين النقدي اللازم لبقائه على قيد الحياة، فهل ينتبه الأوروبيون أم سيكررون الخطأ عينه الذي أدى إلى هدم دولهم فوق رؤوسهم من جراء صواريخ هتلر خلال الحرب العالمية الثانية؟