نسرين ولها باحثة تونسية في علم الاحياء
نظرًا لأنّ أدوية هشاشة العظام يمكن أن يكون لها آثار جانبية، يُستحسن تجربة علاجات أخرى بدلاً من الأدوية. وهنا يمكن أن يساعد النظام الغذائي المناسب في تقوية العظام. حيث يحتاج المرء إلى تضمين بعض العناصر الغذائية في نظامه الغذائي اليومي، أهمّها الكالسيوم وفيتامين د. وتشمل العناصر الغذائية الأخرى التي تعزز صحة العظام البروتين والمغنيسيوم وفيتامين ك والزنك.
يُعتبر الكالسيوم عنصرًا رئيسيًّا في أنسجة العظام وضروريًّا لقوة العظام وهيكلها. في الواقع، يتم تخزين ما يقرب من 99٪ من الكالسيوم في الجسم في الهيكل العظمي.
تتراوح الجرعة اليومية الموصي بها للكالسيوم بين 700-1200 مجم، لكن هذه الاحتياجات تزداد خلال مراحل معينة من الحياة مثل الطفولة والمراهقة، والحمل والرضاعة، والنساء فوق سن الخمسين، وجميع البالغين 70 عامًا أو أكبر.
وجدت مراجعة واحدة لـ 8 دراسات أن مكملات الكالسيوم بالإضافة إلى فيتامين (د) كانت مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالكسور بنسبة 15-30 ٪ في كل من المسكن المجتمعي وكبار السن في المؤسسات.
ومع ذلك، وجدت مراجعة أخرى لـ 33 دراسة أن مكملات الكالسيوم - سواء بمفردها أو بالاشتراك مع فيتامين (د) - لم تكن مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالكسور لدى كبار السن الذين يعيشون في المنزل .
وبالمثل، وجدت مراجعة لـ 59 دراسة أن زيادة تناول الكالسيوم من خلال المكملات الغذائية أو مصادر الطعام أدى إلى تحسينات صغيرة ولكن ليست ذات مغزى سريريًا في كثافة كتلة العظام.
في حين أن مكملات الكالسيوم، بشكل عام، قد تكون مناسبة للأفراد المعرضين لخطر متزايد من النقص، إلا أنه لا توجد حاليًا أدلة كافية للتوصية بمكملات الكالسيوم للوقاية من هشاشة العظام أو السيطرة عليها في عموم السكان.
هناك بعض المخاوف بشأن تناول جرعات كبيرة من الكالسيوم عن طريق المكملات الغذائية.
على سبيل المثال، ارتبطت مكملات الكالسيوم بأعراض مثل الإمساك وحصى الكلى ومشاكل أخرى في الجهاز الهضمي. هناك أيضًا بعض المخاوف من أنها قد تكون ضارة بصحة القلب.
وجدت مراجعة واحدة زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية لدى أولئك الذين يتناولون مكملات الكالسيوم. ومع ذلك، لم تُظهر دراسات أخرى وُجود صلة بين مكملات الكالسيوم والنتائج السلبية على صحة القلب.
في المقابل ثمة حالات تستوجب اللّجوء إلى مكملات الكالسيوم، كأن يعتمد الإنسان على نظام غذائي نباتي بحت، ولمن يعاني من عدم تحمل اللاكتوز، والذي يتناول أدوية الكورتيكوستيرويد على المدى الطويل، ولمن لديه مرض في الجهاز الهضمي الأمر الذي يؤثر على قدرة جسمه على امتصاص الكالسيوم مثل مرض التهاب الأمعاء و مرض الاضطرابات الهضمية.
أمّا المصاب بمرض الكلى أو الغدة الجار درقية، فقد لا يتمكن من تناول الفيتامينات أو المكملات الغذائية. فقد تؤثر هاتان الحالتان على قدرة الجسم على تصفية الكالسيوم وفيتامين د والعناصر الغذائية الأخرى. لهذا السبب من المهم دائمًا التحدث إلى الطبيب قبل تناول أي شيء غير موصوف طبيًّا.
عُمومًا والأصحّ، نظرًا لأن المدخول الغذائي للكالسيوم لم يتم ربطه بهذه الآثار الجانبية، فمن الأفضل للمرء التركيز على تلبية احتياجاته من الكالسيوم من خلال نظامه الغذائي ومناقشة الحاجة المحتملة للمكملات مع مقدم الرعاية الصحية أو الطبيب المباشر لحالته.
يُعدّ فيتامين د من الفيتامينات الضروريّة لصحة العظام. إذْ يلعب دورًا رئيسيًا في امتصاص الكالسيوم ويساعد على تنظيم دوران العظام. وبسبب المصادر المحدودة لهذا الفيتامين، والتي تشمل الأسماك الدهنية ومنتجات الألبان والحبوب المدعّمة، فإنّ معظم الناس يحصلون على فيتامين د من خلال التعرض لأشعة الشمس.
ومع ذلك، قد يكون الحصول على كميات كافية من فيتامين (د) من خلال التعرض لأشعة الشمس أمرًا صعبًا خلال فصل الشتاء وبالنسبة لأولئك الذين يقضون معظم وقتهم في الداخل.
علاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين يعيشون في أقصى شمال أو جنوب خط الاستواء معرضون بشكل أكبر لخطر نقص فيتامين (د) بسبب التعرض المحدود للشمس لمدة تصل إلى 2-5 أشهر في السنة.
وجدت إحدى الدراسات التي شملت 400 من كبار السن أن الأشخاص المصابين بهشاشة العظام كانوا أكثر عرضة للإصابة بنقص فيتامين (د)، ومن بين أولئك الذين يعانون من نقص فيتامين (د)، تم ربط تناول مكمل فيتامين (د) اليومي أيضًا بانخفاض معدل الإصابة بهشاشة العظام على مدار 8 أسابيع.
المدخول اليومي المرجعي الحالي (RDI) لفيتامين D هو 600 وحدة دولية (IU)للأطفال والبالغين الذين تتراوح أعمارهم من 1 إلى 70 عام و 800 وحدة دولية(IU) للحوامل أو المرضعات والبالغين الذين يبلغون 71 عامًا أو أكبر.
لتقليل مخاطر كسور العظام وضمان مستويات كافية في الدم، تشير الأبحاث إلى أن جرعة 400-800 وحدة دولية (IU)من فيتامين د يوميًا قد تكون كافية.
ومن المثير للاهتمام، أن ّإحدى الدراسات التي شملت 311 من البالغين الأصحاء وجدت أن الجرعات العالية من 4000 و 10000 وحدة دولية من فيتامين (د) يوميًا أدت إلى فقدان أكبر لكثافة كتلة العظام على مدى 3 سنوات من تناول جرعة يومية أصغر تبلغ 400 وحدة دولية." دائمًا الإفراط في الشيء ينعكس سلبًا على الجسم "
ومع ذلك، في حين تشير الأبحاث إلى أن الجرعات الصغيرة قد تكون أفضل على المدى الطويل لكثافة العظام، فقد تكون هناك حاجة لجرعات أعلى مؤقتًا في حالات نقص فيتامين (د) الأكثر حدة. ويجب أن تعالج كلّ حالة على حده لأنّ لكل جسم خصائصه المنفردة به فقط.
أيضًا، يُساهم المغنيسيوم في تعزيز متانة العظام وهو معدن موجود بشكل طبيعي في الأطعمة مثل الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة والخضروات ذات اللون الأخضر الداكن، والكمية اليومية الموصي بها من المغنيسيوم هي 300 إلى 500 مجم. فإذا كان المرء يأكل الكثير من الأطعمة المصنعة، فمن المحتمل أنّه لا يحصل على ما يكفي من المغنيسيوم في نظامه الغذائي اليومي. ويعمل المغنيسيوم والكالسيوم معًا بشكل وثيق للحفاظ على قوة العظام.
ومن الممكن الحصول على مكمل المغنيسيوم، فغالبًا ما يتم دمج المغنيسيوم في الفيتامينات اليومية. أمّا التوازن المثالي هو جزءان من الكالسيوم إلى جزء واحد من المغنيسيوم. إذا كانت الفيتامينات المتعددة لديك تحتوي على 1000 مجم من الكالسيوم، فيجب أن تحتوي على 500 مجم من المغنيسيوم. وهنا على المرء أن يُراقب علامات زيادة المغنيسيوم، مثل اضطراب المعدة والإسهال. تشير هذه الأعراض إلى أنه يجب عليه تقليل المغنيسيوم.
أمّا فيتامين ك، فهو يساعد الكالسيوم على الارتباط بالعظام. ومن المهم تحقيق توازن دقيق بين الكمية الكافية والكثيرة من فيتامين ك. الجرعة الموصي بها هي 150 ميكروغرام يوميًا. ويمكن أن يتداخل تناول فيتامين ك مع الأدوية المسيلة للدم مثل الوارفارين (الكومادين). لذا يجب التحدث دائمًا إلى الطبيب قبل زيادة تناول فيتامين ك .
عمومًا ، إذا كان المرء قادرًا على تناول نظام غذائي صحي مليء بالبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة والفواكه والخضروات ، فإنّه سيحصل على ما يكفي من العناصر الغذائية التي يحتاجها في نظامه الغذائي اليومي. و لكن في حالة الإصابة بهشاشة العظام ، فمن المرجح أن يوصي الطبيب بتكميل النظام الغذائي اليومي.
ولا تعتمد قوة العظام على كمية نسيج العظام فحسب، بل تعتمد أيضًا على الجودة التي تتميز بهندسة وشكل العظام ، والبنية الدقيقة للعظام التربيقية ، ودوران العظام ، والمعدن ، والكولاجين. حيث ترتبط كل تلك المُحدّدات المختلفة لجودة العظام ببعضها البعض، وخاصة المعادن والكولاجين، ومن الصعب تحليل أدوارها المحددة في قوة العظام. تصف هذه المراجعة تفاعلات الكولاجين من النوع الأول مع المعدن ومساهمة اتجاهات ألياف الكولاجين عندما يخضع العظم للقوى الميكانيكية.
تحدث عمليات مختلفة لنضج الكولاجين في العظام، والتي يمكن أن تنتج إما من العمليات الأنزيمية أو غير الأنزيمية. تتضمن العملية الأنزيمية تنشيط أوكسيديز ليسيل ، مما يؤدي إلى تكوين روابط متقاطعة غير ناضجة وناضجة تعمل على استقرار ألياف الكولاجين
يتم وصف نوعين من العمليات غير الأنزيمية في النوع الأول من الكولاجين: تكوين منتجات نهائية متقدمة للجليكشن بسبب تراكم السكريات القابلة للاختزال في أنسجة العظام ، وعملية التعرق والأزمرة في تيلوببتيد الكولاجين.
ترتبط هذه التعديلات في الكولاجين بالعمر وقد تضعف الخصائص الميكانيكية للعظام. لتوضيح دور عملية تشابك الكولاجين في قوة العظام، تم وصف الاضطرابات السريرية المرتبطة بتشوهات كولاجين العظام وهشاشة العظام، مثل تكون العظم الناقص وهشاشة العظام.
يوجد الكولاجين في العديد من الأطعمة والمصادر الغذائية المختلفة منها مرق عظام اللحم والدجاج، حيث يعد أفضل خيار للكولاجين، ويتم صنعه عن طريق غلي عظام الحيوانات في الماء الأمر الذي يساهم في استخراج الكولاجين الموجود في هذه العظام، ويمكن تتبيل المرق بالتوابل من أجل إضفاء نكهة.
تحتوي الأسماك والمحار على عظام وأربطة مصنوعة من الكولاجين أيضًا، كما يعتقد أنّ الكولاجين البحري هو واحد من أكثر مصادر الكولاجين سهولة في الامتصاص.
ويوجد الكولاجين، كذلك، في بياض البيض والفواكه الحمضية مثل الليمون والبرتقال والجريب فروت، والتوت والفراولة والعليق. أيضا الخضار الخضراء الورقية إذ ان الكلوروفيل الموجود فيها يزيد من إنتاج الكولاجين. كما يعتبر الفول من الأطعمة الغنية بالبروتين والمحتوية على الأحماض الأمنية المكونة لألياف الكولاجين أضف أنّ الفول يحتوي على عنصر النحاس الضروري لإنتاج الكولاجين.
ثُمّ إنّ النشاط البدني يساعد على إبطاء فقدان العظام المرتبط بالعمر ويمكن أن يحسن قليلاً من كثافة العظام في بعض الحالات.إذْ تفيد تمارين القوّة العظامَ في الذراعين وأعلى العمود الفقري. يمكن أن تكون تمارين حمل الأثقال مثل المشي أو الركض والتمارين الرياضية منخفضة التأثير مثل ركوب الدراجات مفيدة جدّا. كلاهما يساعدان في تقوية العظام في الساقين والوركين وأسفل العمود الفقري.
كما تساهم تمارين المقاومة في جعل عضلات الجسم تدفع وتشد العظام. يخبر هذا الإجراء الجسم بتكوين نسيج عظمي جديد، ممّا يقوي العظام. بالإضافة إلى آثارها الإيجابية العديدة على الوزن وصحة القلب، يمكن للتمارين الرياضية أيضًا أن تحسن توازن الجسم وتناسقه ، ممّا يُجنّب الإنسان السقوط.
وأخيرًا، هناك الكثير الذي يمكن للمرء القيام به للوقاية من هشاشة العظام وعلاجها، بدءًا من الأكل الصحي وممارسة الرياضة وانتهاءً بتناول الأدوية المناسبة.
0 تعليقات
إرسال تعليق