بقلم / ابراهيم الدهش

يعد الحديث عن المرأة ودورها  من الموضوعات المهمة والفعالة والخطيرة ، لكونها عنصرا لها وجود حقيقي ذا أثر على طول التاريخ في نمو المجتمع وتنشأته وازدهاره .
ولا يخفى اتفاق الجميع على اعطاء المرأة المكانة المعنوية والروحية فهي الشمعة المضيئة في البيت وضياؤه ، وهي الابتسامة الصادقة التي تعيد الحياة للأسرة ، بما تضفي عليها الرقة والمشاعر والأحاسيس النبيلة في خدمة الاسرة وافرادها.
والكلام عن المرأة لا يمكن استيعابه في مجلدات ولذا سنكتفي بذكر اهم المحطات التي تعرض لها الفقيه المرجع آية الله السيد أبو الحسن حميد المُقَدَّس الغريفي دام ظله التي أبرز فيها رؤية اسلامية متكاملة تجاه المرأة من خلال الرجوع الى القران والسنة حيث أعطى للمرأة الدور والمكانة التي تستحقها وبين ما لها من حقوق وما عليها من واجبات.
اذ ربما يحصل توهم لدى الكثير من العلمانيين والليبراليين ودعاة المدنية ان المرأة في الاسلام قد خلقت لاجل الخدمة في البيت فلا يحق لها التعلم وتولي مهام مجتمعية وسياسية ونحو ذلك مما يحقق ذاتها بين الناس فلا تتعد وظيفتها الانجاب والخدمة داخل الأسرة.
وهذا توهم خاطئ لا يمكن ان يصدر من عاقل قرأ النصوص الدينية الشريفة واستقرأ التاريخ الاسلامي وسيرة المعصومين عليهم السلام في تعاملهم مع المرأة فضلاً عن التأثير الايجابي لكثير من النساء في التاريخ كالسيدة خديجة والسيدة فاطمة الزهراء عليهما السلام والسيدة زينب بنت علي عليهما السلام بل ان المرأة وقفت الى جنب الرجل في الدعوة والتبليغ كالسيدة سمية والدة الصحابي عمار بن ياسر حتى ضحت بنفسها واسرتها في سبيل الدين الحنيف.
ويمكن عرض اهم ما ذكره سماحة السيد المقدس الغريفي دام ظله عبر نقاط :
١. انه لا فرق بين الرجل والمرأة من حيث المقام والقرب الالهي الا بالتقوى وبذلك يدحض دعوى افضلية الرجل على المرأة.
٢. ان الإصطفاء الإلهي شمل الرجل والمرأة على حد سواء حيث بلغت بعض النساء اعلى درجات الكمال كالسيدة مريم والسيدة خديجة والسيدة اسيا وفاقت الجميع بكمالها وعصمتها السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.
٣. ان المرأة قد فاقت كثير من الرجال في المقامات الإلهية ولهذا جعلها الله تعالى قدوة للجميع ذكورا واناثا كما في قوله تعالى (ضرب الله مثلا للذين امنوا امراة فرعون....).
٤. تتمتع المرأة في النظام الإسلامي بجميع الحقوق العامة من الحياة والسكن والتعليم ونحوها مما يضمن لها الكرامة الانسانية بل اعطى لها المشرع في بعض الأحيان ما يفوق الرجل كالحقوق المالية من قبيل النفقة فهي وان كان لها ذمة مالية مستقلة وتعيش الغنى المالي الا إنها تستحق النفقة من الزوج.
٥. ان ما يبدو في بعض احكام الشرع من انتقاص لحق المرأة هو وهم محض لان احكام الشرع تابعة للمصالح والمفاسد ولما كان الخالق سبحانه أعلم بها من مخلوقاته فقد بَيّنها لهم عن طريق كتابه ولسان نبيه (ص) وروايات اهل بيته الاطهار (ع) وابرز مصداق لذلك هو الميراث فقد أُدعي ان الشريعة الإسلامية تعطي الذكر اعلى من الانثى نصيبا، ويجيب عن ذلك سماحة السيد المقدس الغريفي دام ظله بأنّ هذا الكلام مبني على فهم مغلوط لنظام الإرث في الاسلام بلحاظ اننا اذا راجعنا صور الارث وطبقاته نعلم ان المشرع قد يورث المرأة ويحرم الذكر في بعض الاحيان كما لو كان له بنتا واحدة او بنتان وكان له أخوة فانهم لا يرثون، وقد يورث المرأة اكثر من الرجل كما لو اجتمع بنتا مع اب للمتوفى فإن البنت ترث اضعاف ميراث الاب وغير ذلك وقد يتساوى الذكر والأنثى وقد يعطى الذكر ضعف حصة الانثى، فالمسالة ليست على وتر واحد. ومنه يعلم ان الميراث يبتني على نظام يراعى فيه درجة القرابة من الميت وحجم وظيفته داخل الأسرة ولا شك في ان مسؤولية الذكر اعظم واشد من الانثى بلحاظ وجوب دفع المهر وتهيئة السكن والانفاق على زوجته واولاده فضلا عن ابويه في حال عجزهما في حين تبقى المرأة محتفظة باموالها لنفسها لعدم تكليفها بشيء من ذلك، وقد أجاب عن ذلك مفصلا في كتابه الشهير (جذور الإساءة للإسلام وللرسول الأعظم) الذي كتبه كرسالة الى بابا الفاتيكان والعالم عقب صدور الاساءات المتكررة للاسلام من الغرب، كما تطرق لنقد بعض التصرفات الاجتماعية التي تهين المرأة وتحط من قيمتها في كتابه (التحولات الاجتماعية في العراق) .
فالمرأة هي نصف المجتمع ولا يمكن ايجاد مجتمع متكامل بدونها فلابد من اعطائها الدور الذي يناسبها وتمكينها في سبيل خدمة المجتمع بما يتلائم مع احكام الدين وطبيعتها الجسدية.
وعليه فالمرأة كما يقول الفقيه المقدس الغريفي مساوية للرجل في البُعد الإنساني وتختلف معه في البُعد الوظيفي وهذا لا يقلل من شأنها ومكانتها الإنسانية والاجتماعية وفاعليتها في حياتنا الخاصة والعامة. فالمرأة ريحانة وليست قهرمانة.