رند علي الأسود / العراق/ بغداد

يقول الروائي الروسي الكبير تولستوي " لكي نصل إلى تحديد دقيق للفن، يجب علينا أولا أن نكف عن النظر إليه بصفته وسيلة للمتعة، وأن ننظر إليه باعتباره شرطا من شروط الحياة الإنسانية. إن هذه الرؤية للفن ستجعلنا ندرك أن الفن هو إحدى وسائل الاتصال بين الناس"

على مر العصور يتأثر الفن في كل بلد بالظروف الأقتصادية و الأجتماعية والسياسية للبلاد ففي العراق واجه الفن نكبات مستمرة في الربع الأخير من القرن العشرين وإلى الآن بسبب الظروف الإقتصادية التي مر بها البلد في هذه الفترة ، هذه الظروف التي جعلت من المواطن العراقي يسخر كل دخله لتوفير الاحتياجات الظرورية من المأكل والملبس والدواء ، لكن هذا لا يمنع  ان للفن عشاق ورسامين عيونهم تعشق الجمال وتبحث عنه في كل الظروف ..
في الفترة الأخيرة يمر العراق وتحديداً العاصمة بغداد بشبه حالة استقرار من الناحية الأمنية وكذلك توفير الخدمات فبعد الإعلان عن خطة إعمار بغداد إنطلاقاً من شارع المتنبي، ودعماً للتوجه بجعل هذا الشارع مركزاً ثقافياً وسياحياً وتراثياً ، وبعد المباشرة بتعمير وترتيب شارع المتنبي بدأ الشارع باستقبال الزوار صباحاً ومساءً من محبين الثقافة والسياح وعشاق الفن والجمال وقد قمنا اليوم الأثنين  المصادف ٢٠٢٢/٢/١٤ باستطلاع في شارع المتنبي وسوق السراي عن اهتمام الأفراد بالفن واللوحات فكان سؤالنا ( هل هناك قوة شرائية للوحات الفنية ؟ او ادوات الرسم رغم الوضع الأقتصادي الذي يعاني من البلد في ظل ارتفاع سعر الدولار وغلاء الأسعار وصعوبات المعيشة ؟ ) هل مازالت هناك عيون تعشق الجمال وتبحث عنه في كل مكان ؟

حيدر الحاج عباس العصامي صاحب (غالري لوحات من بلادي) أوضح لنا : (  إن هناك قوة شرائية جيدة خصوصاً بعد اعمار شارع المتنبي وتردد الزوار بكثرة عليه فكما يقول مازالت روح العراقيين تهفو إلى الجمال ومازالوا يسعون إلى شراء اللوحات لتزيين بيوتهم بها وخصوصاً اللوحات البغدادية مثل الشناشيل والقباب والمآذن وعندما سألته عن سبب رغبة الزبائن بشراء اللوحات التي تحتوي على القباب والمآذن أفادني بهذه الإجابة التي تنفستُ من خلالها عبق التاريخ ( إن القباب والمآذن سابقاً كانت مركز للصلاة وكذلك لتجمع الأفراد فاضافة الى جمالها فهي ذات دلالة تاريخية مميزة )

وكذلك أكد السيد باسم صاحب قرطاسية تبارك الذي يحتوي محله على لوحات المستشرقيين المميزة ان هناك حركة واسعة للأهتمام بالفن واللوحات من قبل الزبائن وزوار شارع المتنبي وعلل سبب اهتمام الشباب العراقي بالوقت الحاضر في الفن والرسم بسبب اطلاعهم على برامج السوشل ميديا وخصوصاً اليوتيوب الذي يحتوي على برامج لتعليم الرسم وتمنى كذلك ان يهتم زوار شارع المتنبي بالأدب او الفنون أكثر من اهتماهم بالتقاط الصور عند زيارة الشارع فترتفع الأمم دائماً بعلموها وآدابها وفنونها .
إلى جانب ذلك أشارَ السيد مؤيد السوداني صاحب محل لأدوات الرسم إلى إقبال  بعض الزبائن من الرسامين وهوات الفن  على شراء ادرات الرسم فكما يقول ان الفن بريق أمل لجأ إليه بعض الشباب ليكون متنفس لهم في ظل الظروف التي يمرُ بها البلد .

ومن جهة أخرى يحدثنا السيد علي الزبيدي ( مهتم بالوحات ) عن غلاء اسعار الأعمال اليدوية سواء كانت لوحة او نحت ويعلل سبب ارتفاع اسعارها إلى قيمتها الفنية وهذا ليس فقط في العراق بل في كل أنحاء العالم..

ونستنتج مما سبق ان الاستقرار النسبي الذي شهدته  البلاد والأهتمام بشارع المتنبي هذا الشارع التاريخي العريق زادَ من اهتمام الأفراد بالكتب والفن والجمال ، فكما يقول إرنست ليفي ( ستبدأ الإنسانية بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الفيزياء أو الكيمياء أو المال ).