عبد الجبار الجبوري
أفرزت حرب بوتين على أوكرانيا،نوعاً جديداً وخطيراً من التحالفات، هو التحالف النووي، الذي يهددون به العالم بأسره،وظهور قطبان نوويان،هما القطب النووي الأمريكي وحلفاؤه(بريطانيا وفرنسا والمانيا وإسرائيل)، والقطب الروسي وحلفاؤه،(الصين وكوريا الشمالية وايران وبيلاروسيا)،وبالرغم على مضي أقل من أسبوعين على غزو روسيا على أوكرانيا،فإنها لم تحقق أهدافها العسكرية،كما توقع بوتين نفسه،وبالرغم من إستخدام قوات بوتين أقسى الضربات التدميرية،على البنى التحتية لأوكرانيا،وظهور الرئيس الأوكراني وشعبه ،بأعلى درجات الصمود ورباط’ الجأش والتحدّي،تدعمه لوجستياً ،الدول الاوربية كلها والادارة الامريكية،وطالت ضربات بوتين حتى المفاعلات النووية ،وإستيلاؤه على مفاعلات تشرنوبيل،فيما هدد الرئيس بوتين بضربات نووية ،إذا إقتضى الأمر ،ولم تحقق روسيا أهدافها في (نزع سلاح اوكرانيا النووي)،(نفس حجة المجرم بوش بغزو العراق)وقام بإعطاء أمر (الضربة النووية) لوزير دفاعه آخر إجتماع له مع القيادة العسكرية،وفي المقابل هددت أوروبا ،برد نووي كاسح لروسيا ،إذا ارتكب بوتين حماقته النووية، ودعمتها امريكا بردٍّ نووي مقابل،بل وأدخل الرئيس الكوري الشمالي، قواته وصواريخه النووية في حالة إنذار قصوى، ،إذن العالم ينتظر حرباً نووية غير تقليدية، من شأنها أن تمحو العالم كله بظرف دقائق معدودة، فهل يفعل الأحمق بوتين،أو الأحمق رئيس كوريا الشمالية،لانعرف على وجه الدقة ، كيف ستؤول الاوضاع،بعد هذه التهديدات المتبادلة، والعالم كله يحبس أنفاسه الى (زر بوتين النووي)،لاسيما وأن الاوضاع العسكرية لم تحسم في أوكرانيا، بل تواجه قوات روسيا ، صعوبة في التقدم وتحقيق اهداف بوتين الإستراتيجية، وسط تصعيدات عسكرية وإعلامية من طرفي النزاع، وتحالفاتهما، حيث يلقى الرئيس زلينيسكي ،دعماً عسكرياً وإعلامياً غير مسبوق، من الدول الاوربية وأمريكا،من شأنه إطالة مدة الحرب هناك،فيما تعمل روسيا على حسم المعركة وإسقاط (كييف)وقتل رئيسها ،بأسرع وقت ،حتى تدخل في تفاوض سريع يحقق لها هدفها الاستراتيجي، وهو تغيير النظام وتشكيل حكومة تابعة لها، كما حصل في العراق تماماً،وهذا ماتفعله الآن قبل ،إضطرارها على إستخدام محدود للسلاح النووي ،عندها ستفرض شروطها على أوروبا، وتغير من خارطة التحالفات ، وهذا لايصبُّ ابداً في صالح ومصالح أمريكا وحلف الاطلسي،وبهذا لابد لإدارة الرئيس بايدن،أن تعمل المستحيل،حتى لو تواجه روسيا ، بسلاحها النووي، وتجبرها على التخلي عن فكرة ،إجتياح أوروبا عسكرياً وإخضاع القارة الاوربية لها، بالقوة العسكرية والترهيب النووي أو بالقوة الناعمة،وبوضوح أكثر، لايمكن لروسيا أن تبقي أوكرانيا نووية، تدعمها أمريكا وأوربا على حدودها ،وتهدد مستقبلها الجيوسياسي،هذا قرار بوتين الأوحد،إضافة الى إصراره على إعادة المدن المستقطعة منه ، والذين هم يوالون روسيا في القرم ودونباس وغيرها،ولايمكن لأوروربا وأمريكا، أنْ تسمح لروسيا ،بدمج وضم اوكرانيا النووية لها، وتزحف في المستقبل على دول اوربا الرخوة،إذن نحن أمام نزاع عالمي، وحرب عالمية نووية كانت أم تقليدية، لكن في النهاية لابد وأن تشتعل هذه الحرب،عاجلاً أم آجلاً، ونرى طبولها تقرع في كل من موسكو وواشنطن،خاصة وأن مسبباتها حاضرة ، ففي الشرق الاوسط ،هناك حروب بالوكالة بين إيران وأمريكا ،في أكثر من دولة عربية، وسط تغوّل ايراني، ومفاوضات نووية لم تحسم بينهما،وتنمّر تنظيم داعش الذي يتربّص بالمدن الرّخوة عسكرياً،وتنمر أذرع إيران في كل من سوريا والعراق واليمن ولبنان، كعنصر تهديد لمصالح أمريكا الإستراتيجية ، ومنع إقامة مشروعها الشرق الأوسط الكبير، كحجر عثرة أمامه،دون تقديم أمريكا تنازلات حقيقية لإيران، في مفاوضاتها النووية في مؤتمر فيينا،لكن الأمر أكبر من هذا بكثير، وهو ما يخيف العالم ، ونقصد به ، إرتكاب بوتين حماقة إستخدام الحرب النووية، مستنداً الى دعم الرئيس الكوري الشمالي،العدو اللدود لأمريكا،أنا أرى السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية في وضع لايحسد عليها، من الضعف والتخبط والفشل،إذا تخلّت عن دعم أوكرانيا كما تخلّت سابقاً عن أفغانستان،،وإستخدام حلف الناتو لمواجهة قوات بوتين في كييف، والعمل على عدم إسقاطها بيد روسيا،بكل الطرق الدبلوماسية أو العسكرية، بتحشيد جيوش حلفائها في أوروبا والعالم، لإخضاع بوتين الى التفاوض، والإنسحاب من أوكرانيا، قبل الوصول الى نقطة اللاعودة، والإنتقال الى المرحلة الأخطر من المعركة، وهي إستخدام السلاح النووي،أعتقد مازال الوقت مبكرا أمام بوتين لإستخدام ورقة السلاح النووي، هناك فرصة للتفاوض مع الرئيس الأوكراني وحلفائه، للتوصل الى توافق يضمن مصالح الجميع ،وتقديم ضمانات دولية في مجلس الأمن الدولي،لكلا الطرفين،ضمانات من شأنها حفظ ماء الوجه، وحفظ مصالح الطرفين،ولكن في إعتقادي ،أن الرئيس لم يكتفِ في إستمرار المعركة،قبل سيطرته الكاملة على مفاعلات أوكرانيا النووية،فالهجوم الإستباقي لبوتين، على كييف وتدمير بنيتها التحتية ،والقبول بالتفاوض مع زيلينسكي على حدود بيلاروسيا، هو لكسب الوقت لا أكثر، لاٍستنزاف الجهد العسكري الاوكراني، الذي يدافع بشراسة لامتناهية عن كييف، بدعم عسكري لوجستي أوروربي،لهذا هو يرفض أي لقاء مباشر مع الرئيس الاوكراني،دون أن يضمن يأس وإحباط وإستسلام زيلينسكي ، وهروبه أو اغتياله ،المعركة طويلة، وهذه صفحتها الاولى، رغم الخسائر الكبيرة التي مُني بها الجيش الروسي،وعدم تحقيقه نصراً عسكرياً يذكر،لأن هدفه الاول هو نزع السلاح النووي والسيطرة عليه،ثم تبدأ الصفحة الثانية التي يهييء لها بوتين بتطويق العاصمة كييف بالدبابات ، لإسقاطها ،وإعلان حكومة موالية الروسيا، وتنفيذ شروط روسيا ،ولكن وبتصوري رغم إحتمالية سقوط العاصمة في غضون إسبوع،إلاّ ان الجيش والشعب والرئيس سيبقى يقاوم ، في وقت تعلن إدارة بايدن، حزمة إجراءات وعقوبات صارمة على روسيا ، ومعها أوروبا ، يشمل البنوك والاقتصاد والموانيء وحظر الطيران، وتصدير النفط وكل شيء، مما يجعل من هذا الحصار ،قوة ضغط كبرى على بوتين للتراجع والخروج من الاراضي الأوكرانية ،ولكن هل يسمح بوتين، ويحتمل هذا الحصار التاريخي الأقسى المُذل، دون يواجه إحتضار روسيا، بعمل عسكري، أو نووي ، ليخرج من الحصار والمعركة منتصراً وبأقل الخسائر، وتطبيق شعار (عليّ وعلى أعدائي)، وهذه الحماقة واردة جدا بتهديده، وتهديد الرئيس الكوري الشمالي، ودعم الصين ،وعندها تتحول المعركة من معركة تقليدية، هدفها منع اوكرانيا من امتلاك السلاح النووي ، والإنضمام الى حلف الناتو،الى حرب نووية مفتوحة مع الحلفاء،الجميع خاسر فيها،وإنْ حصلت ستتغير خريطة المنطقة العربية أولاً،وستزال دول من على سطح الأرض،ويرى المراقبون ،والمحللون السياسيون، أن الحرب القادمة هي حرب نووية بإمتياز،ومانشاهده من تصعيد وتهديد هو تمهيد لهذه الحرب ، والتي أسميها بالحرب القذرة، لأنها ستحصد الملايين الأبرياء، لإشباع شهوة النفوذ والتوسع والسلطة، لدى الدول النووية الكبرى،لهذا أرى أن الحرب الجارية صفحاتها في اوكرانيا ، هي حرب نووية غير تقليدية ،أقطابها دول نووية كبرى ، تدفع دولاً صغرى،لإشعال فتيلها،وتقديم قرابين لها،وهذا ما يجري الآن، في حرب أوكرانيا وروسيا،حرب تقليدية ،للوصول الى الحرب النووية،هكذا تفتعل الدول الكبرى حروبها ،لتحقيق مشاريعها الإستراتيجية الكبرى..
0 تعليقات
إرسال تعليق