د. تحسين الشيخلي
أنسان غير الأنسان ، و واقع لا حدود فيه بين الحقيقي و الافتراضي . هذا هو المستقبل المتوقع للانسانية ..و هي قناعاتي التي بدأت تترسخ يوما بعد يوم .
وضعت دونا هاراوي، العالمة الأميركية البارزة في مجال الدراسات العلمية والتقنية، والأستاذة في تاريخ الوعي وقسم دراسات المرأة بجامعة كاليفورنيا، في أُفق ما بعد الحداثة، سيناريوهات ما بعد الإنسان - مقدمة شخصية لإنسان الألفية الثالثة، الذي أطلقت عليه مصطلح (السايبورغ) في إعلانها الصادر عام 1989 تحت مسمى (إعلان السايبورغ – Cyborg Manfisto).
ومع كل قراءة لهذا البيان بين فترة و أخرى أضافة الى متابعة البحوث في تقنيات NBIC (التكنولوجيا النانوية والتقانات الأحيائية وتكنولوجيا المعلومات والعلوم المعرفية) و القراءات في مجال تطور ( الميتافيرس Metaverse ) ، أضافة الى أبحاث ( التفرد التكنولوجي Technology Singularity) و دراسات ( ما بعد الأنسانية Transhumanism and Posthumans ) وخاصة ما يكتبه راي كورزويل و أيلون ماسك ، يتملكني شعور أن عصر الإنسان قد سلم مقاليده إلى عصر ما بعد الإنسان.... ليس الأمر أن الإنسان بوضعه الحالي قد أنتهى و مات، ولكن الإنسان بوصفه مفهوما قد تطور درجة أو درجات. فالإنسان ككائن بايولوجي يبدو انه ليس نهاية الطريق، حيث سيكون بين ظهرانينا أنسان جديد ، كائن هجين مخلوق من تزاوج الكائن البيولوجي و الآلة هو ( السايبورغ ).
وفي حين أنه من الممكن أن تنظر إلى الإنسان بوصفه ظاهرة طبيعية بلغت النضج بوصفها نوعا من خلال الانتقاء الطبيعي والتطور الجيني التلقائي، فإنه لا مكان لهذه الأوهام في السايبورغ، ذلك أنه كائن مركب منذ البداية، كائن تكنولوجي يجمع ثنائية الطبيعي واللا-طبيعي المولود والمصنوع.
يعود مصطلح السايبورغ إلى ستينات القرن الماضي حين نحته مانفريد كلاينز وناثان كلين للإشارة إلى ( الإنسان المحسّن، أو المطور الذي يمكنه العيش في بيئة أبعد من حدود الأرض).
ويأمل العلماء على أنتاج هذا الكائن عبر خمسة مراحل ، في كل مرحلة يتم أنتاج كائن محسن بنسبة ما .
ان عملية تزاوج (التكنولوجيا ـ الإنسان) موجودة الان و نستخدمها و لو بصورة محدودة لكنها حقيقة ،وهي كما خطط لها ان تكون ضمن مراحل التطور لكائن السايبورغ ،فالسايبورغ الأول هو إنسان لديه أعضاء صناعية، لكن هذه التغيرات لا تغير من طبيعة الإنسان. عضو أو طرف اصطناعي، على سبيل المثال، يعمل على الحفاظ على أدامة الحياة ولا يؤثر على الطبيعة البشرية الأساسية بأي مدى. وهكذا فهو يهتم بالتحسين الفسيولوجي . والامثلة على ذلك كثيرة ، منها ، جهاز تنظيم ضربات القلب أو القلب الاصطناعي أو زرع مقوم نظم القلب ـــ مزيل الرجفان، أو القوقعة المزروعة في الأذن أو العدسات اللاصقة الداخلية والخارجية ، اليست هي آلات ومن نتاج التكنولوجيا المدمجة مع جسم الانسان، لأن هذه الأجهزة تقيس فرق الجهد في الجسم، وتتعامل مع النبضات، ويمكنها تقديم محفزات كهربائية، موظفة آلية التغذية الراجعة الصناعية للحفاظ على الشخص على قيد الحياة.
اما النسخة القادمة من مراحل تطور هذا الكائن ، فهي عبارة عن تطور ينطوي على كل من الجوانب الفسيولوجية والعاطفية للوظيفة البشرية ، فيحول التركيز بعيدا عن رؤية الأنظمة البشرية والآلية التي تعمل بشكل متبادل، إلى شبكة تكاملية ترتبط أجزائها بالرفاهية المادية والعاطفية. وفي متابعة لما تقوم به العالمة المصرية رنا القيلوبي الحاصلة على دكتوراة في مجال الذكاء الأصطناعي من معهد MIT للتكنولوجيا وزملائها على تطوير خوارزمية ذكاء أصطناعي أسمها Emotion AI و التي هدفها (جعل الألة تدرك المشاعر البشرية) ندرك قرب تحقق هذه الميزة و توظيفها في النسخة القادمة من سايبورغ.
في حين يتم في النسخة الثالثة ، أستغلال القدرات اللازمة لتغيير منتجات الجينات، كما يدرج عناصر جديدة في الجينوم الموجود. فهي تتيح القدرة على تصميم أنواع جديدة من الأنواع الجينية والفينوية، والاستفادة من المعرفة في سبيل فك تشفير السبل الكفيلة بتحسين الطبيعة البشرية، وجعل البشر اقل ضررا وأكثر إبداعا، وتمكين الازدهار من خلال التمتع المتزايد بمختلف درجات الرضا عن الحياة ، وهذا يمثل تمييزا عميقا في بناء كائن إلكتروني، فلم يعد السيبورج منتجا لفتح الفضاء، بل أصبح الآن نموذجا معاصرا لتيسير السعادة وإزدهار البشر.
أما سايبورغ بنسخته الرابعة، فهو يمثل عملية اندماج البشر والتكنولوجيا عبر الأجيال، بحيث تنتقل التغييرات المتكاملة إلى الأجيال اللاحقة وتنتشر فيها. والواقع أن البحوث الحالية في ما يتصل بالتعديل الجيني، بل وحتى التعديل الجينومي من خلال التدخل والتكامل في التكنولوجيا الحيوية قد تكون أولية ولكنها رغم ذلك تشكل خطوات بالغة الأهمية نحو تحقيق مثل هذه الغايات. ومن الواضح أن هذا يمثل تطورا تشاركيا سيغير البشر والطبيعة البشرية حقا، ويجب علينا أن نعترف بهذه القدرة لتكون الأفضل أو الأسوأ .
أما سايبورغ الخامس فهو الشكل النهائي للواجهة الآلية-البشرية. وفي نهاية المطاف، قد يرتبط العقل المخ بالأجهزة والوسائط، وبالتالي قد لا يحتاج الجسم إلى الوجود. وسيسمح (سايبورغ الخامس) لجوهر الوعي بالبقاء بعيدا عن تقلبات الجسم، مع وظائف موسعة، وشعور أكثر تطورا، مع المزيد من التعاطف المتطور..
في عام 2019 تنبأ العالم البريطاني جيمس لوفلوك، بعالم يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي، لانه سيكون قادرا على التفكير أسرع من البشر بعشرات الآلاف من المرات.
ويعتقد لوفلوك أنَ صعود كائنات (السايبورغ) لتصبح النوع السائد جزء من عملية التطور، ويرى أنه لَطالما كان البقاء للأصلح، فهم مَن سيرثون العالم.
أنسان غير الأنسان ، و واقع لا حدود فيه بين الحقيقي و الافتراضي . هذا هو المستقبل المتوقع للانسانية ..و هي قناعاتي التي بدأت تترسخ يوما بعد يوم .
وضعت دونا هاراوي، العالمة الأميركية البارزة في مجال الدراسات العلمية والتقنية، والأستاذة في تاريخ الوعي وقسم دراسات المرأة بجامعة كاليفورنيا، في أُفق ما بعد الحداثة، سيناريوهات ما بعد الإنسان - مقدمة شخصية لإنسان الألفية الثالثة، الذي أطلقت عليه مصطلح (السايبورغ) في إعلانها الصادر عام 1989 تحت مسمى (إعلان السايبورغ – Cyborg Manfisto).
ومع كل قراءة لهذا البيان بين فترة و أخرى أضافة الى متابعة البحوث في تقنيات NBIC (التكنولوجيا النانوية والتقانات الأحيائية وتكنولوجيا المعلومات والعلوم المعرفية) و القراءات في مجال تطور ( الميتافيرس Metaverse ) ، أضافة الى أبحاث ( التفرد التكنولوجي Technology Singularity) و دراسات ( ما بعد الأنسانية Transhumanism and Posthumans ) وخاصة ما يكتبه راي كورزويل و أيلون ماسك ، يتملكني شعور أن عصر الإنسان قد سلم مقاليده إلى عصر ما بعد الإنسان.... ليس الأمر أن الإنسان بوضعه الحالي قد أنتهى و مات، ولكن الإنسان بوصفه مفهوما قد تطور درجة أو درجات. فالإنسان ككائن بايولوجي يبدو انه ليس نهاية الطريق، حيث سيكون بين ظهرانينا أنسان جديد ، كائن هجين مخلوق من تزاوج الكائن البيولوجي و الآلة هو ( السايبورغ ).
وفي حين أنه من الممكن أن تنظر إلى الإنسان بوصفه ظاهرة طبيعية بلغت النضج بوصفها نوعا من خلال الانتقاء الطبيعي والتطور الجيني التلقائي، فإنه لا مكان لهذه الأوهام في السايبورغ، ذلك أنه كائن مركب منذ البداية، كائن تكنولوجي يجمع ثنائية الطبيعي واللا-طبيعي المولود والمصنوع.
يعود مصطلح السايبورغ إلى ستينات القرن الماضي حين نحته مانفريد كلاينز وناثان كلين للإشارة إلى ( الإنسان المحسّن، أو المطور الذي يمكنه العيش في بيئة أبعد من حدود الأرض).
ويأمل العلماء على أنتاج هذا الكائن عبر خمسة مراحل ، في كل مرحلة يتم أنتاج كائن محسن بنسبة ما .
ان عملية تزاوج (التكنولوجيا ـ الإنسان) موجودة الان و نستخدمها و لو بصورة محدودة لكنها حقيقة ،وهي كما خطط لها ان تكون ضمن مراحل التطور لكائن السايبورغ ،فالسايبورغ الأول هو إنسان لديه أعضاء صناعية، لكن هذه التغيرات لا تغير من طبيعة الإنسان. عضو أو طرف اصطناعي، على سبيل المثال، يعمل على الحفاظ على أدامة الحياة ولا يؤثر على الطبيعة البشرية الأساسية بأي مدى. وهكذا فهو يهتم بالتحسين الفسيولوجي . والامثلة على ذلك كثيرة ، منها ، جهاز تنظيم ضربات القلب أو القلب الاصطناعي أو زرع مقوم نظم القلب ـــ مزيل الرجفان، أو القوقعة المزروعة في الأذن أو العدسات اللاصقة الداخلية والخارجية ، اليست هي آلات ومن نتاج التكنولوجيا المدمجة مع جسم الانسان، لأن هذه الأجهزة تقيس فرق الجهد في الجسم، وتتعامل مع النبضات، ويمكنها تقديم محفزات كهربائية، موظفة آلية التغذية الراجعة الصناعية للحفاظ على الشخص على قيد الحياة.
اما النسخة القادمة من مراحل تطور هذا الكائن ، فهي عبارة عن تطور ينطوي على كل من الجوانب الفسيولوجية والعاطفية للوظيفة البشرية ، فيحول التركيز بعيدا عن رؤية الأنظمة البشرية والآلية التي تعمل بشكل متبادل، إلى شبكة تكاملية ترتبط أجزائها بالرفاهية المادية والعاطفية. وفي متابعة لما تقوم به العالمة المصرية رنا القيلوبي الحاصلة على دكتوراة في مجال الذكاء الأصطناعي من معهد MIT للتكنولوجيا وزملائها على تطوير خوارزمية ذكاء أصطناعي أسمها Emotion AI و التي هدفها (جعل الألة تدرك المشاعر البشرية) ندرك قرب تحقق هذه الميزة و توظيفها في النسخة القادمة من سايبورغ.
في حين يتم في النسخة الثالثة ، أستغلال القدرات اللازمة لتغيير منتجات الجينات، كما يدرج عناصر جديدة في الجينوم الموجود. فهي تتيح القدرة على تصميم أنواع جديدة من الأنواع الجينية والفينوية، والاستفادة من المعرفة في سبيل فك تشفير السبل الكفيلة بتحسين الطبيعة البشرية، وجعل البشر اقل ضررا وأكثر إبداعا، وتمكين الازدهار من خلال التمتع المتزايد بمختلف درجات الرضا عن الحياة ، وهذا يمثل تمييزا عميقا في بناء كائن إلكتروني، فلم يعد السيبورج منتجا لفتح الفضاء، بل أصبح الآن نموذجا معاصرا لتيسير السعادة وإزدهار البشر.
أما سايبورغ بنسخته الرابعة، فهو يمثل عملية اندماج البشر والتكنولوجيا عبر الأجيال، بحيث تنتقل التغييرات المتكاملة إلى الأجيال اللاحقة وتنتشر فيها. والواقع أن البحوث الحالية في ما يتصل بالتعديل الجيني، بل وحتى التعديل الجينومي من خلال التدخل والتكامل في التكنولوجيا الحيوية قد تكون أولية ولكنها رغم ذلك تشكل خطوات بالغة الأهمية نحو تحقيق مثل هذه الغايات. ومن الواضح أن هذا يمثل تطورا تشاركيا سيغير البشر والطبيعة البشرية حقا، ويجب علينا أن نعترف بهذه القدرة لتكون الأفضل أو الأسوأ .
أما سايبورغ الخامس فهو الشكل النهائي للواجهة الآلية-البشرية. وفي نهاية المطاف، قد يرتبط العقل المخ بالأجهزة والوسائط، وبالتالي قد لا يحتاج الجسم إلى الوجود. وسيسمح (سايبورغ الخامس) لجوهر الوعي بالبقاء بعيدا عن تقلبات الجسم، مع وظائف موسعة، وشعور أكثر تطورا، مع المزيد من التعاطف المتطور..
في عام 2019 تنبأ العالم البريطاني جيمس لوفلوك، بعالم يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي، لانه سيكون قادرا على التفكير أسرع من البشر بعشرات الآلاف من المرات.
ويعتقد لوفلوك أنَ صعود كائنات (السايبورغ) لتصبح النوع السائد جزء من عملية التطور، ويرى أنه لَطالما كان البقاء للأصلح، فهم مَن سيرثون العالم.
0 تعليقات
إرسال تعليق