عبد الكريم الشيخ

مصادرة السلطة للحريات
- الحلقة الاولى -


قد تصادر السلطة القائمة في ‏المجتمع حقوق الإنسان و حرياته أو تنتقص منها ، أو لا تمكِّن الإنسان من ممارستها ، و لا تقر بالمبرر الأساسي لوجودها لاتحترم الدساتيرالتي تكفل تلك الحقوق والحريات  ، فهل يجوز لهذا الإنسان أو الجماعة أن تلجأ إلى استخدام العنف ضد السلطة لإجبارها على الإلتزام بالعقد و العهد ، و تمكين الإنسان من ممارسة حقوقه و حرياته ، خاصة السياسية منها ؟ ام العكس من هذا بحيث تقوم السلطة باستخدام العنف او القوة المفرطة في قمع المتظاهرين او المحتجون المعتصمون..
إن العنف من قبل الشعب ليس هو الوسيلة الأولى المناسبة لإجبار السلطة الغاشمة على الإعتراف بحقوق الإنسان و حرياته و تمكينه من ممارستها ، بل يتوجب على الإنسان  ممارسة حقوقه الدستورية في الاحتجاج والاعتصام والتظاهر     و أن يلجأ أولاً إلى كافة الوسائل المشروعة السائدة  في المجتمع أو التي ألفها البشر ، لأن ممارسه العنف ضد السلطة  ،  آخر ما ينبغي أن يفكر فيه الإنسان السويّ العاقل لحماية حقوقه ونفسه من ردود افعال السلطة لاسيما وان كانت تلك السلطه  فاسدة  وطاغية .
ثم إن السلطة تتعتع بإمكانيات  تمكنها من استعمال القوة ، عكس المواطن الذي لا يتمتع بسلاح سوى ايمانه بعدالة قضيته ومظلوميتة وعلينا ان نقر بانه ليس كل أفراد المجتمع  يتمتعون بالايمان  وبدرجة وعيه و إحساسه بالظلم الذي لحق به ، فبعضهم لايدركون الحقيقة أو الأسباب الموجبة لهذه المواجهة او الانتفاضة او المطالبة ، و ربما كان لديهم حسن الظن بالسلطة او انتفاع ومميزات  تدفعهم  إلى الوقوف إلى جانبها و الانحياز لها باعتبارها الطرف الأقوى و صاحبة الحق الظاهر ، و بعضهم قد يبقى متفرجا ريثما ينجلي الموقف وتتبين ملامح الصورة خوفا او جهلا او مصلحة ويظل واقفا على الحياد ""
 مما يجعل الذين يؤيدون الخروج على السلطة في الغالب قلة نادرة .
و هذا الوضع يقدم الى السلطة الفرصة المناسبة لسحق الجماعة الذين يلجؤون إلى مواجهتها ، و تصورهم على أنهم عملاء او مخربين او مدفوعين باجندة معينة راسمة صورة مشوشة وضبابية  على نبل القضية ومشروعيتها تجعل من موقف البعض متارجحا ان لم يكن انهزاميا لاسيما وان السلطة تسيطر وتوجه  وسائل اعلام حكومية  محترفة ومتملقة منافقة  تسوق لها افعالها وتبررها .