رند علي / العراق/ بغداد
يقول المهاتما غاندي ( إن أية جريمة أو إصابة؛ بغَضّ النظر عن القضية، ارتكبت أو سُبِّبَت لشخص آخر هي جريمة ضد الإنسانية).
متى يتوقف تقديس العُرف في “قضايا الشرف” ؟
حفلت كلاسيكيات الأدب العربي بالحديث عن جرائم الشرف مثل رواية بداية ونهاية لأديب نوبل نجيب محفوظ وكذلك رواية دعاء الكروان لعميد الأدب العربي طه حسين ، و رغم مرور عقود على صدور هذه الرواية عام 1934، لا تزال النساء يدفعن ثمن ما تسمى بجرائم الشرف، وقتلهن وحده هو ما يحفظ "شرف" العائلة.
وفي رواية دعاء الكروان يبرز موضوع جرائم الشرف من خلال حدث قتل هنادي على يد خالها هو الحدث الرئيسي في الرواية .
وهنادي هي الفتاة الريفية الساذجة التي تأتي مع والدتها زهرة وأختها آمنة من الريف المصري إلى المدينة للعمل كخادمات في منازل أثرياء المدينة فتعمل هنادي في منزل المهندس إما آمنة فتعمل في منزل (المأمور) كوصيفة ومرافقة لإبنته الصغيرة خديجة و تبدأ بأخذ الدروس معها وتعلم اللغات الإنكليزية والفرنسية وفنون الأتيكيت فتتعود على الحياة المدنية ، إما الأم ( زهرة ) فتعمل في منزل أسرة من أثرياء الريف . وهنا يقع الحدث المركزي الذي تدور على غراره بقية احداث الرواية ، تُقتل هنادي على يد خالها في طريق العودة إلى القرية بعد أن يكتشفوا أن المهندس قد غرر بها ، وهنادي هي نموذج للفتاة الريفية البسيطة الغير متعلمة ، إما الوالدة الضعيفة زهرة فهي المرأة الريفية المغلوب على أمرها في مجتمعاتنا العربية ، امرأة لاتملك سوى الدموع تُقتل إبنتها أمام عينيها ولا تملك القوة لتثأر لها او حتى لتعترض على اخيها (قاتل هنادي) ،وهنا تقرر آمنة الثأر من (المهندس ) ! .
وقد تَعمد صاحب الفتنة الكبرى أن يجعل من آمنة هي الشخصية الأقوى في الرواية التي تصمد أمام كل مغريات المهندس وتقرر الإنتقام لإختها ، ليبرز دور التعلم والثقافة في صيانة المرأة لنفسها فكلما كانت المرأة متعلمة مثقفة كلما كانت أكثر قدرة على التحكم بعواطفها وأكثر مقدرة للتمييز بين الخطأ والصواب .
ومن الملفت أن شخصية المهندس لاتملك ( أسم ) فهو خلال كل احداث الرواية لا يطلق عليه سوى لقب (المهندس ) بل حتى عندما تحولت الرواية إلى فلم من بطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر وزهرة العلا وأمينة رزق لم يكن للمهندس أسم ! .
وعلى الأغلب ان صاحب المعذبون في الأرض جعلَ من شخصية المهندس ( بلا اسم ) للدلالة على عدم أهمية شخصه بل المهم هو ماحدث بسببه وهو ماترتبت عليه احداث الرواية .
بعد مقتل هنادي تقرر آمنة الأنتقام فتهرب من قريتها وتعود إلى بيت المأمور لتكون قريبة من بيت المهندس الماجن . وتبدأ في السعي إلى العمل في منزل من تعتبره قاتل هنادي الحقيقي ، لتتمكن اخيراً بعد تركها لبيت مستخدميها من العمل في منزله (ولكني كنت أتمالك ماوسعني من الجهد وضبط النفس، حتى لايرى علي اضطراباً ولاثورة ولاشيئاً ينكره ، وهو يسألني عن أسمي وعن أهلي ، وعن أمري كله ، فألفق ما ألفق ، وأزين له من ذلك ما أزين ، وهو يسمع مني مصدقاً لي أو غير حافل بما يسمع إنما يريد أن يعرف صوتي ووقع حديثي . ثم يأمرني أن أقبل وأن أدبر ، وأن أدنو وان أبعد ، وأن انحرف إلى يمين وأن أنحرف إلى شمال ، وأنا استجيب لكل مايدعوني إليه ، وقد هدأ اضطرابي وسكنت نفسي وعاودني صوابي ، وأنا اتحدث إلى نفسي بأن هذا الفتى يعرف حقاً كيف يكون شراء الرقيق.. ! )
و يبدأ المهندس بمحاولة أغواء آمنة كعادته سابقاً مع كل الخادمات اللواتي عَملن في منزله ، لكن هذه المرة يجد من تصده في أدب وتتكرر محاولاته معها لكن بدون اي استجابة منها وتتصاعد الأحداث ويصل الأمر بينهم ان تقرر الأخيرة ترك المنزل فلا يسمح لها ويعتذر لها مراراً وتكراراً وأمام صمودها وحفاظها على شرفها وعفتها يعجب بها أشد الأعجاب ، فهل تنطفأ نار الإنتقام عند آمنة وهل ممكن ان تنسى هنادي التي قُتلت في الصحراء ؟ وصوت الكروان الذي غَرد عندما أخترق الخنجر صدر هنادي ( دعاء الكروان ! أترينه كان يرجع صوته هذا الترجيع حين صُر عت هنادي في ذلك الفضاء العريض ! ) والسؤال هنا ماذا يفرق قتل هنادي عن وأد البنات في الجاهلية ؟ ..
دعاء الكروان رواية كتبها طه حسين عام 1934 ونُشرت عام 1942 وتحولت إلى فيلم عام 1959 ، ومازالت المرأة في مجتمعاتنا العربية وخصوصاً المرأة الريفية تعاني من التعنيف والأضطهاد والى يومنا هذا مازلنا نتابع في نشرات الأخبار ووسائل التواصل الإجتماعي الكثيرات اللاتي كان مصيرهن كمصير هنادي . و نتسائل متى يتوقف تقديس العرف في قضيا الشرف ؟ . .
يقول المهاتما غاندي ( إن أية جريمة أو إصابة؛ بغَضّ النظر عن القضية، ارتكبت أو سُبِّبَت لشخص آخر هي جريمة ضد الإنسانية).
متى يتوقف تقديس العُرف في “قضايا الشرف” ؟
حفلت كلاسيكيات الأدب العربي بالحديث عن جرائم الشرف مثل رواية بداية ونهاية لأديب نوبل نجيب محفوظ وكذلك رواية دعاء الكروان لعميد الأدب العربي طه حسين ، و رغم مرور عقود على صدور هذه الرواية عام 1934، لا تزال النساء يدفعن ثمن ما تسمى بجرائم الشرف، وقتلهن وحده هو ما يحفظ "شرف" العائلة.
وفي رواية دعاء الكروان يبرز موضوع جرائم الشرف من خلال حدث قتل هنادي على يد خالها هو الحدث الرئيسي في الرواية .
وهنادي هي الفتاة الريفية الساذجة التي تأتي مع والدتها زهرة وأختها آمنة من الريف المصري إلى المدينة للعمل كخادمات في منازل أثرياء المدينة فتعمل هنادي في منزل المهندس إما آمنة فتعمل في منزل (المأمور) كوصيفة ومرافقة لإبنته الصغيرة خديجة و تبدأ بأخذ الدروس معها وتعلم اللغات الإنكليزية والفرنسية وفنون الأتيكيت فتتعود على الحياة المدنية ، إما الأم ( زهرة ) فتعمل في منزل أسرة من أثرياء الريف . وهنا يقع الحدث المركزي الذي تدور على غراره بقية احداث الرواية ، تُقتل هنادي على يد خالها في طريق العودة إلى القرية بعد أن يكتشفوا أن المهندس قد غرر بها ، وهنادي هي نموذج للفتاة الريفية البسيطة الغير متعلمة ، إما الوالدة الضعيفة زهرة فهي المرأة الريفية المغلوب على أمرها في مجتمعاتنا العربية ، امرأة لاتملك سوى الدموع تُقتل إبنتها أمام عينيها ولا تملك القوة لتثأر لها او حتى لتعترض على اخيها (قاتل هنادي) ،وهنا تقرر آمنة الثأر من (المهندس ) ! .
وقد تَعمد صاحب الفتنة الكبرى أن يجعل من آمنة هي الشخصية الأقوى في الرواية التي تصمد أمام كل مغريات المهندس وتقرر الإنتقام لإختها ، ليبرز دور التعلم والثقافة في صيانة المرأة لنفسها فكلما كانت المرأة متعلمة مثقفة كلما كانت أكثر قدرة على التحكم بعواطفها وأكثر مقدرة للتمييز بين الخطأ والصواب .
ومن الملفت أن شخصية المهندس لاتملك ( أسم ) فهو خلال كل احداث الرواية لا يطلق عليه سوى لقب (المهندس ) بل حتى عندما تحولت الرواية إلى فلم من بطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر وزهرة العلا وأمينة رزق لم يكن للمهندس أسم ! .
وعلى الأغلب ان صاحب المعذبون في الأرض جعلَ من شخصية المهندس ( بلا اسم ) للدلالة على عدم أهمية شخصه بل المهم هو ماحدث بسببه وهو ماترتبت عليه احداث الرواية .
بعد مقتل هنادي تقرر آمنة الأنتقام فتهرب من قريتها وتعود إلى بيت المأمور لتكون قريبة من بيت المهندس الماجن . وتبدأ في السعي إلى العمل في منزل من تعتبره قاتل هنادي الحقيقي ، لتتمكن اخيراً بعد تركها لبيت مستخدميها من العمل في منزله (ولكني كنت أتمالك ماوسعني من الجهد وضبط النفس، حتى لايرى علي اضطراباً ولاثورة ولاشيئاً ينكره ، وهو يسألني عن أسمي وعن أهلي ، وعن أمري كله ، فألفق ما ألفق ، وأزين له من ذلك ما أزين ، وهو يسمع مني مصدقاً لي أو غير حافل بما يسمع إنما يريد أن يعرف صوتي ووقع حديثي . ثم يأمرني أن أقبل وأن أدبر ، وأن أدنو وان أبعد ، وأن انحرف إلى يمين وأن أنحرف إلى شمال ، وأنا استجيب لكل مايدعوني إليه ، وقد هدأ اضطرابي وسكنت نفسي وعاودني صوابي ، وأنا اتحدث إلى نفسي بأن هذا الفتى يعرف حقاً كيف يكون شراء الرقيق.. ! )
و يبدأ المهندس بمحاولة أغواء آمنة كعادته سابقاً مع كل الخادمات اللواتي عَملن في منزله ، لكن هذه المرة يجد من تصده في أدب وتتكرر محاولاته معها لكن بدون اي استجابة منها وتتصاعد الأحداث ويصل الأمر بينهم ان تقرر الأخيرة ترك المنزل فلا يسمح لها ويعتذر لها مراراً وتكراراً وأمام صمودها وحفاظها على شرفها وعفتها يعجب بها أشد الأعجاب ، فهل تنطفأ نار الإنتقام عند آمنة وهل ممكن ان تنسى هنادي التي قُتلت في الصحراء ؟ وصوت الكروان الذي غَرد عندما أخترق الخنجر صدر هنادي ( دعاء الكروان ! أترينه كان يرجع صوته هذا الترجيع حين صُر عت هنادي في ذلك الفضاء العريض ! ) والسؤال هنا ماذا يفرق قتل هنادي عن وأد البنات في الجاهلية ؟ ..
دعاء الكروان رواية كتبها طه حسين عام 1934 ونُشرت عام 1942 وتحولت إلى فيلم عام 1959 ، ومازالت المرأة في مجتمعاتنا العربية وخصوصاً المرأة الريفية تعاني من التعنيف والأضطهاد والى يومنا هذا مازلنا نتابع في نشرات الأخبار ووسائل التواصل الإجتماعي الكثيرات اللاتي كان مصيرهن كمصير هنادي . و نتسائل متى يتوقف تقديس العرف في قضيا الشرف ؟ . .
0 تعليقات
إرسال تعليق